جالسة فرح في تلك الغرفة لوحدها كاس قهوة في يدها تترشف منهه رشفة وتنزل معها دمعة من عينيها أمطار غزيرة تتساقط في الخارج كأن السماء حزينة لحزنها لليوم تسال سبب حدوث هذا أسئلة كثيرة تجول في خاطرها لماذا؟ متى؟ كيف؟
أصبحت في هاته الحالة كل ما تتذكره انها هربت من منزل والدها أو بالأحرى من عرسها حيث بعدما توفيت امها بسنوات واعاد والدها الزواج
وكانت تلك الزوجة الثانية من شر الخلق في الكون فقد كانت تتركها بدون عشاء وحتى تتركها في المطر أن عملت خطأ ووالدها لم يكن يهتم بها
بل كان يقف جنب زوجته ويضربها اكثر واكثر اوقفوها عن الدراسة وسكتت ولكن في ذلك اليوم الذي قرر فيه ابوها تزويجها لعجوز أو يجدر القول إنه يقوم ببيعها مقابل مبلغ مالي ليعيش هو وزوجته في راحة ونعيم مقابل سعادتها هي
فنعم هربت ليلة زفافها إلى مدينة أخرى واشتغلت في مطعم ومحل مواد غذائية هامة بدوام نصفي لكل منهما واستاجرت منزلا صغيرا يحميها من برودة الشتاء وحرارة الصيف جمعت مبلغا كافيا مما جعلها تعاود التسجيل في الجامعة لتكمل دراستها في الطب
ففي السنة الأخيرة توقفت وعادت الان كانت تعمل وتدرس في نفس الوقت أنهت دراستها وتخرجت وهي اليوم تملك مالا وبيتا ضخما مزينا
لكنها لاتزال محصورة في الزاوية تحتاج إلى عائلة تحبها وتسندها فقط تستقبلها مساءا عندما تعود من عمل اليوم متعبة مسحت دموعها عندما سمعت صوت رنين هاتفها ردت على المتصل إذ كان المتصل من المشفى ليخبرها أن عائلة في الطريق تقلبت بهم السيارة ويحتاجونها في المستشفى
بسرعة غيرت ثيابها وخرجت بسرعة في غضون عشر دقائق وصلت بحكم أن منزلها ليس بعيد جدا عن المكان الذي تعمل فيه وصلت وكانت الحالة المزرية فقد توفي الاب والام في حالة خطيرة والحمد لله الصغير لم يمس بأذى
اسرعت لغرفة العمليات تعالج في الام لكن للاسف خرجت أنفاسها الأخيرة على طاولة العمليات خرجت وهي حزينة تنظر لذلك الطفل الصغير الذي تيتم وعمره لم يتعدى السنة بعد
كيف لا وهي يمكنها الاحساس به كثيرا فقد كانت يتيمة الام ولم تشعر بحنان الاب قط ذهبت عنده واحتضنته وهو نائم وضعته في مكتبها ومعه ممرضة وذهبت لتجهيز اوراق تساعدها لتتبنى الطفل اليتيم
فلن تتركه يعيش في الميتم ويتربى عن الحرمان والفقر خاصة أنه ليس هناك أحد من عائلته هنا ولم يسأل عليهم أحد فهي والحمد لله تملك كل مايساعدها للعيش وستقدم له الحب والحنان الذي رحل اليوم مع أهله
وحقا قامت بتبنيه واخدته الى منزلها الذي أصبح دافئا بمجرد دخول الصغير له جهزت له غرفة قريبة من غرفتها تحوي كل مايحتاجه الصغار حتى من اللعب واحضرتها
مرت الايام وتعلقت فرح بصغيرها محمد الذي لم تنجبه لكن في يوم من الايام وهي تلعب معه في غرفته سمعت صوت الباب استغربت فهي لا تدعو احدا لمنزلها
حملت الصغير في حضنها ونزلت لتفتح الباب حيث وجدت شابا يظهر في الثلاثين سنة من العمر هكذا تكلمت معه بلطف فرح :
ماذا تريد يا سيدي الرجل: لقد كنت في المستشفى وارسلوني لعنوانك
فرح: لماذا
الرجل: انا عم الصغير محمد الذي تبنيته في المستشفى إثر الحادث
فرح: كيف لكن لم يظهر أحد في المستشفى وقتها
الرجل: كنت خارج البلد وعندما عدت عرفت بالموضوع وأتيت لاخد ابن أخي
فرح: لكن
الرجل: ارجو أن تتعاوني معي لكي لا اضطر لإدخال القانون سآتي غذا ااخده
فرح: حسنا
دخلت فرح لغرفة محمد وضعته على فراشه وبدأت بضب ثيابه في الحقيبة ودموعها تنهمر بعدما تعودت عليه في حياتها سيذهب ويتركها ربما مكتوب عليها العيش وحيدة كل من تحبه يرحل عنها بطريقة أو أخرى في الصباح أتى نفس الشاب واخده معه فرغ المنزل على فرح مجددا لم تستطع حتى أن تذهب للعمل واخذت عطلة لترتاح
وبعد اسبوع من ذلك اليوم وهي تقف في غرفة محمد تتذكره بكل تفاصيله سمعت صوت الباب فذهبت فتحته والمفاجأة كانت وقتها نفس الشاب يقف وفي حضنه محمد فرحت كثيرا وأخذته لحضنها تقبله بكل لهفة
الرجل: ايمكنني الدخول
فرح: اسفة تفضل دخل الرجل إلى غرفة الجلوس وتقابله فرح التي تحتضن محمد وكأنه ابنها
الرجل: انا جاد
فرح: فرح
جاد : اسف لازعاجك لكن محمد لم يسكت من يوم ما أخذته منك
فرح: لماذا
جاد: اشتاق لك
فرح: وانا اكثر
جاد: انا لا استطيع تركه بعيد عني ولكن هناك حل يفيدنا جميعا
فرح: ماهو
جاد: تتزوجيني وتبقي مع محمد
فرح: لكن
جاد: انا لن ارغمك على شيء المهم أن تهتمي بمحمد
فرح: موافقة تم الزواج بعد اسبوع ورحلت فرح للعيش مع محمد وجاد فكانت تهتم بمحمد وكأنها امه وأصبحت علاقتها جدية مع جاد وها هي الآن حامل من جاد وينعمون بحياة رائعة وهنيئة مع الأسرة الصغيرة ففي يوم من الايام لم تكن فرح تحلم بأن تصبح ذو عائلة وتحصل على الحب والتقدير